تقارير

حمد بن عيسى رأس السلطات جميعا والشعب ليس مصدرها

“الملك رأس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس” هكّذا عرّف حمد بن عيسى آل خليفة نفسه في الدستور الذي فرضه على الشعب، لكن الإشكالية لا تقع في هذا التعريف وإنما في التداخل الذي أحدثه بوصفه رأسا للسلطات جميعًا وفرضه للإرادة الملكية على الإرادة الشعبية.

في الأنظمة الملكية لا يتولى الملك أي سلطة من السلطات الثلاث، وكذلك في الأنظمة الديمقراطية يتم اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات، لكن في الدستور المنحة الذي فرضه حمد بن عيسى في 2002 أجرى حمد بن بن عيسى تغييرات كبيرة على الدستور العقدي يوم 14 فبراير/شباط 2002، منح لنفسه فيها صلاحيات واسعة تتحكم في كافة السلطات فهو رأس السلطة التنفيذية يعيّن رئيس الوزراء والوزراء وكذلك يرأس المجلس الأعلى للقضاء ويعيّن هو نفسه القضاة، وكذلك يعيّن نصف السلطة التشريعية بكامل صلاحياته الغرفة المنتخبة.

المساحة المحدودة الممنوحة للشعب في نصف السلطة التشريعية تحكمها دوائر مرسومة وفق مزاج الديوان الملكي بما يضمن الولاء لقرارات الديوان وتوجهاته، وفي حال اتحدت هذه الغرفة المنتخبة في قرار ما فإن مجلس الشورى جاهز لوقف هذا القرار، وهو ما يجعل الرقابة والمناورة على مرحلتين.

إحدى الصحف المقربة من أحد الدوواين كشفت بأن الديوان الملكي يرى أن مناوراته ونفوذه في مجلس النواب يلقى منافسة من أحد ديوان رئيس الوزراء، ما دفع الديوان الملكي إلى الهجوم المكشوف عبر صحيفته “الوطن” على رئيس الوزراء كي يخلو للديوان المجلس الوطني بغرفيته، وهو ما رشح من خلال التراشق المعلن في قضية نائب تائب.

الصلاحيات التي منحها حمد بن عيسى لنفسه تهدم مقولته في التحوّل إلى نظام ملكي دستوري فالسلطات هنا غير منفصلة عن بعضها وهي في يد ملك البحرين وحده، وذلك يتعارض مع ما نص عليه الميثاق بأن الشعب مصدرًا للسلطات جميعا.

والأنكى من ذلك كله أن ملك البحرين وهو ينخرط في السلطات الثلاث فإنه في الوقت نفسه “ذات مصونة لا تمس” ما يعرّض أي مواطن ينتقد هذه السلطات للملاحقات، وهذا ما تكشّف منذ الرابع عشر من فبراير/شباط العام 2011.

ومع ذلك كله فإن ملك البحرين منذ الإنقلاب الشهير على ثقة 98.4% من شعب البحرين وميثاق العمل الوطني في العام 2002، فإنه المسؤول الأول عن الأوضاع الذي وصلت إليها البلاد وهو شخصيًا بوصفه رأسا للسلطات جميعا الواقف حجر عثر أمام آمال وتطلعات الشعب في أن يكون يوماً ما مصدراً لها وإدارة شؤونه العامة.

ملك البحرين لم يقف على رأس السلطات فحسب بل توغل إلى الوزارات والهيئات والجمعيات وكافة الجهات المؤثرة في مسار حكمه كما نشرنا في قائمة طويلة لهذه الجهات التي يشرف عليها الديوان الملكي، ولم يكترث حمد بن عيسى لكل ما آلت إليه الأمور ويتجلى ذلك من خلال الاستمرار التخطيط المُحكم للهيمنة كل مفاصل الحكم وإقصاء كل الأصوات المعارضة لهذه السياسيات والرفض المستمر للتحول الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق